بدلاء المقاصة لا يصلحون للزمالك

2 فبراير 2018 الساعة 11:26 صباحا

المخترع الأمريكى توماس أديسون له جملة شهيرة تقول: أهم من أن تتقدم بسرعة هو أن تتقدم فى الاتجاه الصحيح، وهذه هى المشكلة والأسئلة المهمة التى لابد أن يسألها إيهاب جلال، المدير الفنى للفريق الأول لكرة القدم بالزمالك، لنفسه أولاً: ما نتائج عمله ومحصلة الأيام الماضية التى قضاها فى تدريب الفريق؟!.. هل يتطور الفريق بالفعل؟!.. هل يسير فى الطريق الذى يتمناه ووعد به ومن أجله تولى المهمة خلفاً لـ«نيبوشا»، بصرف النظر عن النتائج وتذبذبها وإهداره المتكرر للنقاط- خسر عشر نقاط من 15-؟!.. ثم ما تأثير ما يفعله على مستقبل الفريق، هل ينفذ منظومة تكتيكية ستؤدى إلى انفجار فنى وتكتيكى ضخم، مهما طالت المدة أو أساءت الجماهير الظن به أو شكّكت الإدارة فيه؟!.. وهل هو مثل الإسبانى «جوارديولا»، المدير الفنى لمانشستر سيتى، عندما تعددت علامات الاستفهام حوله فى الموسم الماضى بعد خسارته كل شىء، حيث قال بكل ثقة إن ما أفعله الآن ستعرفون قيمته فى الموسم الجديد؟!.
وظنى- وليس كل الظن إثماً- أن إجابات هذه الأسئلة بعد مرور خمس مباريات من تولى إيهاب جلال المهمة- الأهلى والإنتاج الحربى والداخلية والمصرى وإنبى، حيث فاز فى واحدة وتعادل مرتين وخسر مثلهما- لن تكون فى صالحه، ليس بسبب تواضع النتائج، فبقدر أهميتها فهى لا تصلح لأن تكون المقياس الوحيد للمستقبل، وكم من التجارب لمدربين كبار بدأت سيئة، ثم حققت نجاحات مذهلة، هو نفسه منهم، فعندما عمل فى مصر المقاصة واجه فى شهوره الأولى صعوبات غير عادية، كادت تصل بالفريق إلى حد الانهيار، لكنه نجح فى التطوير، وكانت قناعات أعضاء مجلس الإدارة وإحساسهم به المبرر الرئيسى للصبر عليه وتحمله، حتى انفجر الفريق تكتيكياً وفنياً وحقق طفرات مذهلة.لكن مشكلة إيهاب جلال فى الزمالك أكثر عمقاً وتعقيداً، وهى تتعلق بإصراره على تغيير شخصية الزمالك، أو بتعبير أكثر دقة صناعة هوية جديدة للفريق، فى وقت لا يمتلك فيه الأدوات ولا الوقت ولا رفاهية الهدم ثم إعادة البناء، ما يكون من المستحيل إتمامه فى الفرق الكبيرة دون خسائر لا يتحملها أحد على الإطلاق قبل الحصول على رصيد كبير من الثقة، بدليل أن الإسبانى «جاريدو»، أفضل مَن درب الأهلى فى السنوات الأخيرة، بشهادة كل الذين عاصروه وعملوا معه، لم يستمر طويلاً، وحتى إن مدربا بحجم وقيمة الهولندى مارتن يول رحل عنه سريعاً، رغم أن كل المنصفين يقولون إن الأهلى يحصد الآن ثمار ما زرعه الثنائى، مع كل التقدير والاعتراف بكفاءة وجهد مديره الفنى الحالى حسام البدرى.ولولا ما امتلكه «جوارديولا» من رصيد ضخم صنعه فى برشلونة لما صبر عليه أحد فى بايرن ميونخ، ولما تحمله أحد لنهاية عقده، وهو غير قادر على تحقيق الهدف الأكبر للإدارة، وهو الفوز بدورى أبطال أوروبا، ولا غض مُلّاك مانشستر سيتى البصر عنه فى الموسم الماضى وهم يرونه عاجزاً عن تقديم شىء أو صناعة أى جديد، مثل الألمانى يورجن كلوب فى الشهور الأولى له فى ليفربول، فالفرق الكبيرة لا تُبنى بين يوم وليلة، وبقدر ما يمتلك المدرب من فكر ورؤية بقدر ما يحتاج وقتا وعملا مضاعفا وصبرا ومساندة وإيمانا من الآخرين بقدراته.صحيح أن إيهاب جلال يمتلك الفكر والرؤية والشخصية، لكن مشكلته الأساسية أنه لا يريد أن يخرج من عباءة مصر المقاصة، وما قدمه هناك هو تجربة، هى ناجحة بكل تأكيد، حيث صنعته وجعلته من المصنفين، لكن بكل تأكيد لا تصلح للزمالك، لسبب بسيط أن أمنيته وأمله وكل طموحه معه كان أن يصل إلى مستوى الأهلى والزمالك، أما الآن فعليه أن يتجاوز الكل ليحقق البطولات والألقاب بمجموعة لاعبين هم أقل من الذين توافروا لديه فى فريقه السابق، على الأقل فى الثلث الهجومى، ثم إنه يفتقد فى ميت عقبة ميزة غياب الضغوط، وما أصعبها واستنزافها للجهد والتركيز والطاقات، والأكثر من ذلك أنه تورط فى مجموعة من الاختيارات، وراهن على بعض اللاعبين من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن يصنعوا له الفارق الكبير عند التوظيف أو خلال التنفيذ داخل الملعب.وعلامة الاستفهام الكبيرة، التى بات على إيهاب جلال أن يجيب عنها: لماذا كل الذين لم يضعهم على قائمة أولوياته فى مصر المقاصة، ولم يكن مقتنعاً بجدواهم من الأساس، ضمهم إلى الزمالك، مثل عماد فتحى ونانا بوكو، فالأخير بعد تجربة السعودية لم يعد كما كان، فهل هو ضرورة أم يأس؟، ومهما كانت الإجابة، فإن عليه أن يبحث عن تطوير ما يملكه من لاعبين، أن يعيد تصنيفهم من جديد، أو يتخلى عن قناعاته ويبحث عن أخرى، وأن يعلم أن ما يملكه الآن من لاعبين لن يحقق طموحاته وأحلامه التكتيكية، التى تتطلب نوعيات خاصة، من حيث السرعة وتنويع رتم اللعب والتعامل مع المساحات، سواء عند السيطرة على الكرة أو فقدها، ولن يكون بإمكانه استبعادهم من التشكيل ماداموا فى قائمة الفريق.والنماذج لذلك كثيرة، وليكن طارق حامد النموذج، فهل يستطيع أحد الإطاحة به من المجموعة الأساسية؟، بكل تأكيد لا، لكنه فى الوقت نفسه واحد من الأسباب الرئيسية لما يواجهه إيهاب جلال من صعوبات فى التطوير وتطبيق أسلوب اللعب والصناعة الإيجابية عند السيطرة على الكرة، مثل أكثر من لاعب فى خط الوسط يفرضون على الفريق بطئاً شديدا، يصل إلى حد السلبية فى الأداء، ويؤدى فى النهاية إلى فقد وخسارة الكرة فى مناطق تؤدى غالباً إلى مشكلات وأزمات دفاعية، سببها سوء الارتداد، بدليل المواقف الصعبة التى تعرض لها أمام إنبى، لمجرد أن مُنافِسه امتلك الحد الأدنى من سرعة البناء فى الهجمات المضادة.
 
بقلم: محمد صيام
المصدر: المصري اليوم

آخر اﻷخبار

الاكثر قراءة